الغابة المسحورة
انت في الصفحة 6 من 6 صفحات
سعيدة في حياتي مع أسرتي. وقبل أن أتزوج بيوم واحد لبست ملابس الفرح والعرس لأجربها على نفسي وأتأكد من أنها مناسبة لجسمي. وأخذت أغني غناء يدل على أني مسرورة سعيدة فسمعني الساحر الشرير وهو مار في الطريق يلبس كما يلبس الفلاحون الذين يزرعون الأرض وأعجب بصوتي فدخل من باب حجرتي كأنه زوبعة أو ريح شديدة وأخذني وأنا بملابس الفرح وحملني إلى هذه الغابة وطار بي كالريح في الجو وأخذت أصيح بأعلى صوتي وأطلب من يساعدني ويخلصني من بين يديه وخرج خطيبي وأهلي وأقاربي ورائي وحاولوا إنقاذي فلم يستطيعوا ورجعوا كما أتوا. ومنذ ذلك الوقت أعيش طائرا في الغابة وأغنى للساحر في أي وقت يريده وأشتغل كأني مغنية خاصة به. تألم نبيل لحالها وفتح الصندوق وأخرج منه المرآة السحرية وأبعدها عن وجهه وقال لها انظري إلى المرآة وكررى هذه العبارة السحرية أت سرب ثلاث مرات ليزول عنك السحر وترجعي إلى صورتك الأولى. نظر الطائر إلى المرآة ونفذ ما أمر به فتحول الطائر في الحال بقدرة الله إلى فتاة جميلة تلبس ملابس الفرح والعرس كأنها في ليلة الزفاف والزواج. عجب نبيل كل العجب وتأكد أن هذه خطيبة الراعي. ولحظ أنها صغيرة السن في حين أن عريسها الذي انتظرها كل السنوات الطويلة الماضية صار هرما كبير السن أبيض الشعر مجعد الوجه.
وناولها للقطة البيضاء فنظرت إليها وكررت العبارة السحرية ثلاث مرات فزالت القطة وتحولت إلى صورتها الجميلة الأولى ووقفت مكانها ابنة العمدة التي خطفت ليلة عيد ميلادها أمام نبيل وهي تلبس رداء فستانا من الحرير الذهبي اللون وحذاء أصفر وعيناها زرقاوان جميلتان. رآها نبيل فأحس أنه وجد أخيرا الفتاة الكاملة التي يريد أن يتزوجها. وتأكد أنها ابنة العمدة المخطۏفة ابنة الشيخ مصطفى. وحينما طلعت الشمس ذهب نبيل وابنة العمدة وعروس الراعي إلى مدخل الغابة المسحورة فوجدوا الطيور الثلاثة البيضاء لا تزال نائمة كما تركها فأخرج نبيل المرأة من صندوقها وحركها أمام الطيور النائمة وكرر الكلمة السحرية ثلاث مرات فتحولت في الحال إلى ثلاثة أحصنة بيضاء وأخذت تصهل كأنها تريد أن تترك هذه الغابة السوداء. ركبت ابنة العمدة حصان وركبت عروس الراعي حصانا آخر وركب نبيل الحصان الثالث ورجعوا جميعا وكان نبيل في المقدمة لأنه عرف جيدا أن الراعي الأمين ما زال ينتظره تحت الشجرة في الحقل وأمامه الغنم. فكر نبيل وهو راكب كيف يكون شعور الراعي الكبير السن حينما يرى عروسه لطيفة الجميلة ثانية وكيف يكون شعورها حينما ترى عريسها بعد هذه السنوات الطويلة وتحس أن حبه العميق لا يزال في قلبه كما كان عندما خطفت منه وأنه انتظرها عشرات من
واستمر مخلصا لها الإخلاص كله تلك السنوات الطويلة.
وحينما وصلوا إلى الراعي
عرف عروسه وناداها باسمها وعرفته ونزلت من فوق حصانها ورمت نفسها بين
ذراعي عريسها. فتح نبيل الصندوق وأخرج منه المرآة السحرية وقال للعروس هل تحبين يا لطيفة أن تكوني عجوزا مثل عريسك أو يكون هو شابا مثلك أجابت لطيفة إن أريد أن يبقى كما هو بدون تغيير لأنه كان وفيا مخلصا لي عشرات من السنين وأن أصير أنا امرأة عجوزا لأثبت له أني ما زلت أحبه كل الحب وأخلص له كل الإخلاص وهو رجل هرم كبير السن. قدم نبيل المرآة السحرية للطيفة ونظرت إليها وتمنت أن تكون عجوزا لتناسب عريسها الذي انتظرها تلك السنوات الطويلة
رأسه ورماهما بعيدا على الحجارة فكسر الصندوق والمرآة. وفى المكان الذي كسرت فيه المرآة السحرية ظهرت بحيرة فضية بين أشجار الغابة. وهي بحيرة عجيبة إذا نظر فيها الشاب في منتصف الليل والقمر طالع رأى بعينيه وجه الفتاة التي سيتزوجها. وإذا نظرت فيها الفتاة رأت بعينيها وجه الفتى الذي سيتزوجها. ركب نبيل ابن العمدة وأخذ معه أمينة بنت العمدة الشيخ مصطفى ليرجعها إلى والديها ويدخل السرور عليهما فهما في حزن منذ أن خطفت ليلة عيد ميلادها. وعرف أنها هي الفتاة التي أراد أبوه أن يخطبها لتكون عروسا وشريكة له في حياته. وأعجب كلاهما بالآخر وتبادلا المحبة والإخلاص واستقبلهما الشيخ مصطفى استقبالا لا نظير له وعم الفرح والسرور القرية كلها. وكان نبيل موضع الإعجاب والتقدير من الجميع لأنه قام بما لم يقم به أحد وأنقذ ابنة العمدة وهو لا يعرفها. وأرسل الشيخ مصطفى الرسل لدعوة أبي نبيل ووالدته وأقاربه فحضروا مسرورين وعقد عقد الزواج وصارت ابنة العمدة عروسا لابن العمدة وأقيمت الأفراح وعم الفرح والسرور الجميع وأطعم الفقراء والمساكين فرحا بسلامتهما وزواجهما. وعاش الزوجان عيشة سعيدة راضية ووفقهما الله في حياتهما كل التوفيق وأخلص كل منهما للآخر إخلاصا لا نهاية له ..
النهاية